ترجمة العلامة الدكتور وهبة بن مصطفى الزحيلي

مولده :

دخل قرية دير عطية في القلمون بريف دمشق رجل من مدينة زحلة هارباً إليها بعد أن اعتنق الإسلام وكان نصرانياً. آواه أهلها وزوجوه وأحبهم وأحبوه وكان يدعو الله تعالى أن يرزقه الذرية الصالحة، فخرج من نسله عالمان جليلان، فضيلة الدكتور وهبة الزحيلي، وشقيقه فضيلة الدكتور محمد.

وقد ملأا الدنيا علماً وتواليف، وفيهما من أخلاق العلماء وتواضعهم وبساطة الريفي وطيبته ما لا يخفى لمن عرفهما.

ولد في مدينة ديرعطية من مدن ريف دمشق عام 1932، وكان والده حافظاً للقرآن الكريم عاملاً بحزم به، محباً للسنة النبوية، مزارعاً تاجراً.
درس الابتدائية في بلد الميلاد في سوريا، ثم المرحلة الثانوية في الكلية الشرعية في دمشق مدة ست سنوات وكان ترتيبه الامتياز والأول على جميع حملة الثانوية الشرعية عام 1952 وحصل فيها على الثانوية العامة الفرع الأدبي أيضاً.
تحصيله العلمي:
تابع تحصيله العلمي في كلية الشريعة بالأزهر الشريف، فحصل على الشهادة العالية وكان ترتيبه فيها الأول عام 1956 ثم حصل على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر، وصارت شهادته العالمية مع إجازة التدريس. درس أثناء ذلك علوم الحقوق وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1957. نال دبلوم معهد الشريعة الماجستير عام 1959 من كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
حصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق (الشريعة الإسلامية) عام 1963 بمرتبة الشرف الأولى مع توصية بتبادل الرسالة مع الجامعات الأجنبية، وموضوع الأطروحة آثار الحرب في الفقه الإسلامي ـ دراسة مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العام.

إذا خرج من المسجد يمشي معه أي أي إنسان ليسأله عما شاء فلا يتأفف ولا يتضجر، فإذا طلب منه خدمة لبى سريعاً. يعلو البِشْرُ وجهه إلا أن يرى منكراً فيغيره بما استطاع. كان آية في محافظته على وقته، وكان لا يختلط بأحد ولا يكلم أحداً، وقته كله للعلم.

كان موقفه رافضا للنظام.. وحين سافر إلى أمريكا في الثورة جرم النظام في السر والعلن.. وبالغ في ذلك.. وقرر بعدها النزول لدمشق على الرغم من رجاء ولده عبادة ألا ينزل.. ومع ذلك أصر على السفر .. وحين وصل دمشق تعرض لمضايقات شديدة وما يشبه التضييق والإقامة الجبرية غير المعلنة

شيوخه:
تلقى العلم على يدي كثير من المشايخ، منهم:
من شيوخه في دمشق
محمود ياسين في الحديث النبوي.
محمود الرنكوسي في العقائد.
حسن الشطي في الفرائض.
هاشم الخطيب في الفقه الشافعي.
لطفي الفيومي في أصول الفقه ومصطلح الحديث.
أحمد السماق في التجويد.
حمدي جويجاتي في علوم التلاوة.
أبو الحسن القصاب في النحو والصرف
حسن حبنكة والشيخ صادق حبنكة الميداني في علم التفسير.
صالح الفرفور في علوم اللغة العربية كالبلاغة والأدب العربي.
حسن الخطيب، وعلي سعد الدين والشيخ صبحي الخيزران، وكامل القصار في الحديث النبوي والأخلاق.
جودت المارديني في الخطابة.
رشيد الساطي والأستاذ حكمت الساطي في التاريخ والأخلاق.
ناظم محمود نسيمي، وماهر حمادة في التشريع، وآخرون في الكيمياء والفيزياء والإنجليزية وغيرها من العلوم العصرية.
من شيوخه في مصر:
شيخ الأزهر محمود شلتوت.
عبد الرحمن تاج.
عيسى منّون في الفقه المقارن عميد كلية الشريعة.
جاد الرب رمضان في الفقه الشافعي.
محمود عبد الدايم في الفقه الشافعي،.
مصطفى عبد الخالق وشقيقه عبد الغني عبد الخالق في أصول الفقه.
عثمان المرازقي، وحسن وهدان في أصول الفقه.
الظواهري الشافعي في أصول الفقه.
مصطفى مجاهد في الفقه الشافعي.
محمد أبو زهرة والشيخ علي الخفيف ومحمد البنا ومحمد الزفزاف ومحمد سلام مدكور وفرج السنهوري في الدراسات العليا في الفقه المقارن وأصول الفقه وأحد الأئمة المجتهدين.

عين مدرساً بجامعة دمشق عام 1963 ثم أستاذاً مساعداً سنة 1969 ثم أستاذاً عام 1975 وعمله التدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامة والخاصة، التخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه، ويدرّسهما مع الفقه المقارن في كلية الشريعة ومواد الشريعة في كلية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما.
أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء في ليبيا لمدة سنتين ثم كلّف بعدئذ بمحاضرات فيها في الدراسات العليا.
أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدة خمس سنوات من 1984 ـ 1989.
أعير بصفة أستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم، قسم الشريعة وإلى أم درمان الإسلامية لإلقاء محاضرات في الفقه وأصول الفقه على طلاب الداسات العليا.
أعير لمدة سنتين للدراسات العليا بكلية الشريعة والقانون في جامعة محمد بن علي السنوسي بمدينةالبيضاء ليبيا بصفة أستاذ زائر لمدة شهر.
أعير إلى قطر والكويت للدروس الرمضانية عام 1989 1990.
أعير بصفة أستاذ زائر إلى المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في العام الدراسي 6/11/1993 لمدة أسبوعين.
يدرّس كتابه الفقه الإسلامي وأدلته بصفة مرجع أساسي في كثير من الجامعات لطلبة الدراسات العليا كالباكستان والسودان وغيرهما.
يدرّس كتابه أصول الفقه الإسلامي في الجامعات الإسلامية ب المدينة المنورة وفي الرياض، قسم القضاء الشرعي، سابقاً.
أشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق وكلية الإمام الأوزاعي في لبنان وناقش بعض الرسائل الأخرى، كما أشرف على رسائل دكتوراه وناقشها في دمشق وبيروت والخرطوم، وهي تزيد عن سبعين رسالة.
وضع خطة الدراسة في كلية الشريعة بدمشق في أواخر الستينات وخطة الدراسة في قسم الشريعة في كلية الشريعة والقانون بالإمارات، وشارك في وضع مناهج المعاهد الشرعية في سورية عام 1999.
قام بتقويم مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت عام 1988.
له أحاديث إذاعية مستمرة في الإذاعة السورية في تفسير القرآن برنامج قصص من القرآن وبرنامج القرآن والحياة وندوات في التلفزيون في دمشق والإمارات والكويت والسعودية وفي المحطات الفضائية وحوار مع الصحافة في جرائد سوريا والكويت والسعودية والإمارات وغيرها.
أنشأ مجلة الشريعة والقانون في جامعة الإمارات.
كان رئيس اللجنة الثقافية العليا ورئيس لجنة المخطوطات بجامعة الإمارات.
أحد أعضاء هيئة التحرير في مجلة نهج الإسلام بدمشق.
رئيس مجلس الإدارة لمدرسة الشيخ عبد القادر القصاب الثانوية الشرعية بدير عطية.
كان خطيب جامع العثمان بدمشق، ويخطب في فترة الصيف في مسجد الإيمان بدير عطية.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن.
خبير في الموسوعة العربية الكبرى بدمشق.
عضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن (مؤسسة آل البيت).
خبير في مجمع الفقه الإسلامي بجدة والمجمع الفقهي في مكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي في الهند وأمريكا والسودان.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن.
خبير في الموسوعة العربية الكبرى في دمشق.
رئيس لجنة الدراسات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية.
عضو مجلس الإفتاء الأعلى في سورية.
عضو لجنة البحوث والشؤون الإسلامية وهيئة تحرير مجلة نهج الإسلام بوزارة الأوقاف السورية.
عضو مراسل للموسوعة الفقهية في الكويت، والموسوعة العربية الكبرى في دمشق. وموسوعة الحضارة الإسلامية بالأردن، وموسوعة فقه المعاملات في مجمع الفقه الإسلامي في جدة وغيرها.

مؤلفاته:

  1. آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي.
  2. تخريج وتحقيق أحاديث تحفة الفقهاء للسمرقندي.
  3. تخريج وتحقيق أحاديث وآثار (جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي) مع التعليق عليها.
  4. السلم و الحرب في الإسلام , تم إصداره باللغةالفرنسية
  5. الفقه الإسلامي وأدلته، 11 جزء، ترجم إلى التركية والماليزية والفارسية.
  6. الوجيز في الفقه الإسلامي
  7. الوجيز في أصول الفقه, ترجم إلى التركية
  8. أصول الفقه الإسلامي , ترجم إلى التركية
  9. موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر 8 مجلدات , دار المكتبي
  10. موسوعة الفقه الإسلامي و القضايا المعاصرة 14 مجلد , دار الفكر
  11. قضايا الفقه والفكر المعاصر 3 مجلدات , دار الفكر
  12. الفقه الإسلامي في أسلوبه الجديد
  13. تجديد الفقه الإسلامي
  14. الكتاب الفقهي الجامعي – الواقع و الطموح
  15. أصول الفقه الحنفي
  16. الفقه الشافعي الميسر
  17. الفقه الحنفي الميسر , ترجم إلى التركية
  18. الفقه الحنبلي الميسر
  19. الفقه المالكي الميسر
  20. الوسيط في أصول الفقه الإسلامي.
  21. نظرية الضرورة الشرعية، دراسة مقارنة.
  22. نظرية الضمان أو (حكم المسؤولية المدنية والجنائية) في الفقه الإسلامي، دراسة مقارنة النصوص الفقهية المختارة، بتقديم وتعليق وتحليل.
  23. نظام الإسلام، ثلاثة أقسام: نظام العقيدة، نظام الحكم والعلاقات الدولية، مشكلات العالم الإسلامي المعاصر.
  24. العقود المسماة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني.
  25. العقوبات الشرعية وأسبابها، بالاشتراك مع الدكتور رمضان علي السيد.
  26. الأصول العامة لوحدة الدين الحق (أصول مقارنة الأديان) مترجم إلى الإنجليزية.
  27. جهود تقنين الفقه الإسلامي.
  28. عبادة بن الصامت.
  29. أسامة بن زيد.
  30. سعيد بن المسيب.
  31. عمر بن عبد العزيز.
  32. الضوابط الشرعية للأخذ بأيسر المذاهب.
  33. الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها.
  34. الإسلام دين الجهاد لا العدوان.
  35. الإسلام دين الشورى والديمقراطية.
  36. القصة القرآنية، هداية وبيان.
  37. الأحكام الضروررية والقطعية في الإسلام
  38. القرآن الكريم بنيته التشريعية , و خصائصه الحضارية , ترجم إلى التركية
  39. الموسوعة القرآنيةالميسرة
  40. التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، 16 جزء، حائز على جائزة لأفضل كتاب في العالم الإسلامي للعام 1995.
  41. القرآن الكريم البنية التشريعية والخصائص الحضارية.
  42. التفسير الوجيز.
  43. التفسير الوسيط في ثلاثة مجلدات.
  44. الذرائع في السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير عام 1959م.
  45. قواعد الفقه الحنبلي من كتاب (المغني) لابن قدامة.
  46. تحقيق وتخريج أحاديث وآثار جامع العلوم والحكم لابن رجب.
  47. تحقيق وتخريج واختصار كتاب (الأنوار في شمائل النبي المختار) للإمام محيي السنة البغوي.
  48. تحقيق وتقسيم وخدمة شاملة لكتاب (طريق الهجرتين وباب السعادتين) لابن قيم الجوزية.
  49. الاستنساخ جدل العلم والدين والأخلاق.
  50. تقديم وتحقيق نيل الأوطار للشوكاني.
  51. تقديم وتحقيق شرح مسلم للنووي.
  52. العلاقات الدولية في الإسلام.
  53. حقوق الإنسان في الإسلام، بالاشتراك مع آخرين.
  54. القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان , ترجم إلى الماليزية
  55. العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية , ترجم إلى التركية و الماليزية
  56. أصول الإيمان و الإسلام
  57. المجدد جمال الدين الأفغاني
  58. الإسلام و الإعاقة , بحث في رصد الظواهر الاجتماعية للمعوقين.
  59. مشكلات في طريق النهوض
  60. العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث .
  61. حق الحرية في العالم.
  62. حوار حول تجديد الفقه الإسلامي.
  63. الأسرة المسلمة في العالم المعاصر.
  64. الإمام الشافعي.

الاصلاحات التي قام بها السلطان عبد الحميد الثاني

فقاعة

مع ارتقاء السلطان عبد الحميد الثاني سدة حكم السلطنة 1876م اتخذت عملية الإصلاح منحى جديدا نبع من إيمانه

أولا: بأن الإسلام هو”القوة الوحيدة التي تجعلنا أقوياء” ،
وثانيا: بأن أوروبا لا تريد الخير لدولته
وثالثا: بأن ظروف الدول مختلفة، فما يصلح لواحدة قد يضرأخرى، ولهذه العوامل كان يرفض عملية التقليد للغرب وإن كان يرى أن الإسلام لا يمنع اقتباس العلوم والتقنية وأسباب القوة بشرط أن يكون الإقتباس حسب الحاجة الداخلية للدولة وليس تنفيذا لأوامر من الخارج، فالغرب لا يسير إلا خلف مصالحه الذاتية ولهذا فإنه لن يساعد في تقديم المساعدة العلمية للدولة طالما أنه يمكنه بيعها جاهزا ما تود هي تصنيعه، هذا فضلا عن أنه يسعى لتفتيت الدولة العثمانية والقضاء عليها ولذلك فقد أثبتت التجربة أن اتباع نصائح أوروبا وتنفيذ أوامرها لن يأتي إلا بالهزيمة والدمار، هذا إلى جانب أن ما يصلح لدولة تتكون من عنصر واحد قد يكون سما لدولة تتكون من عناصر شتى من السكان، وظروف دولة تقع في أقصى الأرض تختلف عن ظروف دولة تقع في وسطها.
1- المعرفة والعمران
———————-
قام السلطان بمحاولة نهوض شامل في كافة أرجاء السلطنة وتحديثها- دون تغريب- مركزا على محورين:المعرفة والعمران، مع محاربة التأثيرات الفكرية والسياسية الغربية ـ التي إضافة إلى أنها نابعة من حضارة أوروبا التي لا سبيل إلى جمعها مع حضارة الإسلام في رأيه ـ فقد فتحت الباب لاستقطاب الولاء للغرب بين العثمانيين، ولهذا حاول إعطاء هذه النهضة محتوى إسلاميا بدعم نشر الفكر والرابطة الإسلاميين؛ فتحت بند المعرفة: تم تأسيس كليات الهندسة، والطب، والعلوم، والآداب، والحقوق، والعلوم السياسية، والفنون الجميلة، والتجارة، والزراعة، والبيطرة ومعاهد المعادن، والغابات، والتجارة العسكرية، والمعلمين واللغات، كما تم بناء المدارس الإبتدائية ونشرها في قرى السلطنة، بالإضافة إلى المدارس المتوسطة في مراكز الأقضية والمدارس الثانوية في مراكز الألوية، هذا بعد أن كان بناء المدارس يسير ببطء إلى بداية حكم السلطان وقد نتج عن انتشار المدارس في عهده تضاعف أعداد من يقرأون ويكتبون إلى نسب عالية وصلت في بعض المدن إلى عشرة أضعاف،
– لقد كان اهتمام السلطان عبد الحميد بالتعليم واصلاحه في كافة المجالات منها:
ا. انشا المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية بحيث درست فيها مختلف المواضيع.
ب. انشا اول جامعة علمية في استنبول سنة 1900 والتي شملت اربع كليات: كلية العلوم الدينية, الكلية الرياضية, الكلية الطبيعية, والكلية الادبية.
ج. ارسال بعثات طلابية الى الدول الاوروبية وخاصة المانيا للدراسة بهدف خلق كادر جيد من الموظفين يستعين بهم في المجال الاداري.
د. انشا اكثر من 18 مدرسة ومعهد للتعليم العالي, تدرس فيها المواضيع المختلفة مثل القانون, الفنون, التجارة, الهندسة, البيطرة, الشرطة والطب وغيرها.
ه. انشا مؤسسات ثقافية متنوعة مثل المتاحف ( متحف الاثار القديمة والمتحف العسكري) والمكتبات (مكتبة بايزيد ومكتبة يلدز).
وقد حرص السلطان على أن يكون محتوى التعليم إسلاميا بمراقبة المناهج واستبعاد أصحاب الميول الغربية والإنفصالية من هيئات التدريس، كما عمل على نشر الفكر الإسلامي عن طريق طباعة وتوزيع الكتب الإسلامية ، ومن أمثلة ذلك: أمره بطباعة صحيح البخاري سنة 1892 في المطبعة الأميرية في مصر، وكذلك أمره بطباعة كتاب إظهار الحق للشيخ رحمة الله الهندي الذي يحتوي على مناظرات مع المبشرين، ولعل في هذين المثلين من العبرة مايكفي ومن المرافق العلمية كذلك: المدارس الصناعية ومدارس الصم والبكم والمكتبات: كمكتبة بايزيد ومكتبة يلدز، والمتاحف كمتحف الآثار القديمة والمتحف العسكري. أما عن العمران: فقد شمل المشاريع المائية، والبريدية، وسكك الحديد، والمعامل المختلفة، والمستشفيات، والغرف التجارية، والصناعية، والزراعية، ودور العجزة والنفوس، كما تم في هذا العهد إدخال الهاتف، والسيارة، والترام، والتلغراف، في مواصلات واتصالات الدولة.
مجالات أخرى شملها التحديث في عهد السلطان عبد الحميد لم تقتصر النهضة الحميدية التحديثية على المعرفة والعمران، بل شملت نواح أخرى لاقت درجات متفاوتة من النجاح منها:
2- الإقتصاد :
————–
شهدت العهود التي سبقت عهد السلطان عبد الحميد تسللا واسع النطاق للنفوذ الإقتصادي الغربي في الدولة العثمانية نتيجة لما أحدثته سياسة التنظيمات ولجوء الحكام إلى الإقتراض الموسع من الدول الغربية ، ورغم تأكيد بعض الباحثين على استمرار اندماج اقتصاد الدولة في العهد الحميدي بالإقتصاد الأوروبي الرأسمالي ـ بشكل تابع طبعا ـ وذلك لعدم قدرة السلطان على وقف الموجة العاتية، فقد رأيناه يتخذ كثيرا من الإجراءات للحد من النفوذ الغربي، ولعل أهم هذه الإجراءات هو تقليص نفقات الدولة ، وقد شمل ذلك العديد من المصاريف غير الضرورية التي كانت تهدر في السابق ، مع عدم المساس بالسلع الرئيسة التي يعتمد المواطن عليها كالخبز مثلا، وكان هدف سياسة الترشيد هذه هو عدم اللجوء للإقتراض من الخارج، هذا الإقتراض الذي أفلس الدولة وقيد استقلالها وجعل مواردها بيد أعدائها، وقد حاول تنظيم سداد الديون بإنشاء لجنة الديون العثمانية التي مثلت الدائنين في سنة 1881 ودخل في مفاوضات معها جعلها تخفض الدين إلى أقل من النصف (41%) وتخفض الفائدة إلى 1% كذلك، وتم وضع بعض موارد الدولة تحت تصرف هذه اللجنة وأصبحت الديون تسد بانتظام حتى وصلت إلى العشر (10%) في نهاية عهده ومن تلك الإجراءات المناوئة للنفوذ الإقتصادي الغربي أن السلطان كان يحجم عن تنفيذ بعض المشاريع إذا أحس بالخطر من تسرب رأس المال الأجنبي من خلالها، أويتوجه إلى جهات غير طامعة لتنفيذ هذه المشاريع، كطلبه من اليابان التنقيب عن النفط في الموصل بعد رفضه إعطاء الإمتياز للإنجليز وغضبه من خداع حلفائه الألمان وقد استمر الإقتصاد العثماني في عهده بالإعتماد على قاعدة الذهب والفضة وكانت النقود الذهبية والفضية متداولة أكثر من العملة الورقية وحتى هذه كان بالإمكان تحويلها إلى معادلها من الذهب في كافة أنحاء العالم.
3- الجيش
————
كان السلطان عبد الحميد يرى أن الإعمار أهم من دخول الحروب حتى لو تم إحراز النصر فيها، لأنها تأتي بالويلات والدمار للبلاد، بينما المجد المتحصل منها زائف، ولهذا فإنه لم يدخل مختارا في حرب إلا دفاعا عن النفس ولكن ذلك لم يمنعه من تحديث جيشه تحسبا ليوم عصيب، فزوده بالأسلحة الحديثة واستدعى المدربين والمستشارين العسكريين للإفادة من خبراتهم، وقد أثبت الجيش فعاليته في حرب اليونان 1897م ولعل من أهم إنجازات السلطان تمويله لتجارب الغواصات التي نتج عنها صناعة الغواصتين عبد المجيد 1887وعبد الحميد 1888 في استانبول، في الوقت الذي لم يكن لبريطانيا غواصات كما يذكر في مذكراته، ومن إنجازاته أيضا تحصين مضائق العاصمة بطريقة مكنت القوات العثمانية من صد هجمات الحلفاء في سنة 1915م أثناء الحرب العالمية الأولى وتحقيق الإنتصارات المشهورة في شبه جزيرة غاليبولي ويؤخذ على السلطان إهماله للأسطول الأمر الذي برره بأنه لما حاول إحلال قباطنة عثمانيين محل القباطنة الإنجليز تدخل السفير البريطاني لمنع ذلك، مما دفع السلطان لإسقاط أمر الأسطول من حسابه، ولم يلجأ لتصنيع السفن لأن ذلك يستلزم مالا كثيرا والغرب لا يقرض أموالا لتصنيع ما يمكنه بيعه للدولة جاهزا.
4-القضاء :
————
كان السلطان عبد الحميد يؤمن بأن العدل هو الأساس الذي قامت عليه الدولة العثمانية التي لو كانت قد جلبت الظلم لتفتتت منذ البداية، ولهذا حاول القيام بإصلاح في مجال القضاء هدف إلى تحقيق المساواة بين الجميع أمام القانون وكفالة تطبيق العدالة بأسرع وقت عبر التنظيم التشريعي و الإداري، ومن الإجراءات التي اتخذها في هذا الحقل: إنشاء كلية الحقوق لإعداد رجال قانون متخصصين، وتنظيم وزارة العدل وعلاقاتها بمختلف أنواع المحاكم ووضع برنامج للإصلاح استهل بقوانين صدرت بداية من سنة 1879م؛ يقول الأستاذ الدكتور عبد العزيز الشناوي عن أثر هذه الإصلاحات في كتابه الدولة العثمانية ج 3 ص 1171: “وقد حققت هذه القوانين وغيرها مستوى رفيعا من العدالة والنزاهة والنظام في البنيان القضائي لم تشهد الدولة له من قبل مثيلا. وكان جميع المتقاضين في المحاكم المدنية على اختلاف درجاتها وكذلك جميع المتهمين أمام محاكم الجنايات متساوين أمام القانون بصرف النظر عن دياناتهم أو مذاهبهم أو مراكزهم الإجتماعية”، ولكن الغرب لم يكن سعيدا بهذه الإصلاحات لأنها وضعت العثماني والأجنبي أو المتمتع بالحماية الأجنبية داخل الدولة العثمانية على قدم المساواة، وأصرت الدول الأوروبية على عدم تطبيق القوانين الجديدة على رعاياها مستندة في ذلك إلى معاهدات الإمتيازات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى إجهاض الثمار المرجوة من هذا الإصلاح وتحديد فاعليته.
5- السلطان عبدالحميد والوحدة الإسلامية
———————————————–
ارتبط اسم السلطان عبد الحميد في معظم الدراسات بفكرة الجامعة الإسلامية التي دعا إليها واتخذها سياسة رسمية له، وقد توصل إلى ضرورتها بعدما رأى تكالب دول الغرب على العالم الإسلامي داخل الدولة العثمانية وخارجها، ولهذا عمل على جمع المسلمين تحت راية الخلافة لعلهم يتمكنون من صد الهجمة الإستعمارية التي كانت في ذروتها إبان عهده ولم يستثن السلطان أحدا من المنتمين للإسلام من دعوته مهما كان مذهبه أو قوميته أو موقعه الجغرافي، فقد شكل عهده قطيعة مع الماضي فيما يتعلق بالعلاقة بين أهل السنة والشيعة حين حاول إزالة الإحتقان الذي رسبته قرون من سوء التفاهم والعداوة، وفتح للشيعة أبوابا كانت مغلقة مثل حرية التعبير والدعوة والنشر حتى في عاصمة الدولة مما أثار حفيظة بعض المتشددين من أبناء السنة، كما غض النظر عن تشيع كثير من أبناء جنوب العراق ولم يعد ذلك توجها معاديا للخلافة، وحاول التقارب مع إيران لتفويت الفرصة على بريطانيا وروسيا اللتين تطمعان في أراضي الدولة العثمانية وإيران معا، بل إن دعوته لم تستثن حتى الدروز، ويحكي الأمير شكيب أرسلان كيف أنه عندما كان جماعة من مشايخ دروز حوران في استانبول أمر السلطان بأن يصلوا الجمعة خلفه في جامع يلدز.
أما ما قدمه السلطان لدعم دعوته بين قوميات مختلفة من المسلمين، فهو لم يكتف بمطالبتهم بالإلتفاف حول الخلافة بل قام بجهود أوجدت أرضية مادية صالحة لانتشار فكرته
المراجع
مصادر
^ كتاب السلطان عبد الحميد الثاني بين الإنصاف والجحود لمحمد مصطفى الهلالي
^ كتاب موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية للدكتور حسان حلاق
^ من كتاب موقف الدولة العثمانية
^ الباحث فاضل بيات عن السلطان في كتاب دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني

فقاعة


صورة نادرة للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني 1876-1909 لحظة تبليغه بقرار البرلمان الذي اجتمع في 27 نيسان 1909 ،وقرر خلع السلطان عبد الحميد الثاني بموجب فتوى من شيخ الاسلام محمد ضياء الدين افندي وتنصيب اخيه محمد رشاد بأسم السلطان محمد الخامس 1909-1918 .والجدير بالذكر ان الذي بلغه القرار النائب اليهودي عمانوئيل قره صو . وقد رد السلطان على قرار الخلع بكلمة : “” قسمت “” أي “” قسمة “” . (أرشيف الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث -جامعة الموصل-العراق )

 

السلطان عبد الحميد العثماني

فقاعة

عبد الحميد الثاني السلطان الرابع و الثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية، و آخر من امتلك سلطة فعلية منهم. ولد في 21 سبتمبر 1842 م وتولى الحكم عام 1876 م. تآمر عليه اليهود – كما أشار د. حسان حلاّق في كتاب دور اليهود والقوى الدولية في خلع السلطان عبد الحميد الثاني عن العرش – لأنه رفض التنازل لهم عن شبر واحد من أرض فلسطين فأبعد عن العرش عام 1909 م بتهمة الرجعية، وأقام تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته في 10 فبراير 1918 م.

ولد سنة 1842 وتلقى تعليمه بالقصر السلطاني واتقن من اللغات: الفارسية والعربية وكذلك درس التاريخ والأدب.
استلم مقاليد الحكم في 31 أغسطس 1876، وفي نفس السنة دخلت الدوله العثمانيه في ازمه ماليه خانقه في فترة السلطان عبد العزيز المبذر ونجح العثمانيون الجدد من الاطاحه بحكمه سنة 1876 ونودي بمراد الخامس ليكون السلطان الجديد، الا انه عُزل بعد مده قصيره قوامها حوالي ثلاثة اشهر، فتولى عبد الحميد الحكم من بعده الذي وافق مع العثمانيين الجدد على اتباع سياسه عثمانية متحررة.
أظهر السلطان روحا إصلاحية وعهد بمنصب الصدر الاعظم الي مدحت باشا أحد زعماء الاصلاح فأمر بإعلان الدستور وبداية العمل به، وقد كان الدستور مقتبسا عن دساتير دول أوربيه مثلبحث عن عبد الحميد الثاني ، بحث علمى كامل جاهز عن السلطان عبد الحميد الثانىبلجيكا و فرنسا و غيرها). وضم الدستور 119 ماده تضمنت حقوق يتمتع بها السلطان الحقوق الدستوريه كأي ملك دستوري، كما نص الدستور على تشكيل مجلس نواب منتخب دعي بهيئة المبعوثان.
لم يكن السلطان راضياً بقراره الدستوري الذي يقيد صلاحياته فأخد ينتهز الفرص لتعطيل والتخلص من زعماء الإصلاح وعلى رأسهم مدحت باشا، وكان ذلك عندما نشبت الحرب الروسيه-العثمانيه سنة 1877 فانقلب على أعقابه وأقاله، وما لبث أن نفاه إلى سوريا اولا ثم إلى الحجاز حيث اغتيل هناك، ثم عطل السلطان الدستور وحكم الدوله العثمانيه حكم استبدادي اوتقراطي حتى أقيل عن حكمه نهائيا سنة 1909 على أيدي اعضاء جمعية الاتحاد والترقي.
المراجع :
– السيرة الذاتية للسلطان عبد الحميد الثاني اورخان محمد
– من كتاب السلطان عبد الحميد الثاني بين الإنصاف والجحود لمحمد مصطفى الهلالي

من عجائب الزمن في الحفظ والاتقان

فقاعة

 

مُحَمَّد بن عمر بن مكي بن عبد الصَّمد بن عَطِيَّة بن أَحْمد الْأمَوِي صدر الدّين ابْن الْوَكِيل وَابْن المرحل وَيُقَال لَهُ ابْن الْخَطِيب.
حفظ الْمفصل فِي مائَة يَوْم وَكتب لَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخ شرف الدّين الْمَقْدِسِي قَرَأَهُ فِي مائَة يَوْم لَا أَرَانِي الله لَهُ يَوْمًا وَحفظ ديوَان المتنبي فِي جُمُعَة والمقامات فِي كل يَوْم مقامة وَكَانَ لَا يمر بِشَاهِد للْعَرَب إِلَّا حفظ القصيدة كلهَا وَكَانَ نظاراً مستحضراً أفتى وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وَكَانَ لَا يقوم بمناظرة ابْن تَيْمِية أحد سواهُ.
وَذكر العثماني قَاضِي صفد أَنه كَانَ فِي الْحِفْظ آيَة حَتَّى قيل أَنه حفظ كتبا وضع بَعْضهَا على بعض فَكَانَت قامة !! وَحفظ ديوَان المتنبي فِي جُمُعَة والمقامات فِي كل يَوْم مقامة وديوان أبي الطّيب فِي جُمُعَة.
وقرأت بِخَط الْكَمَال جَعْفَر كَانَ فَاضلا ذكي الْفطْرَة متصرفاً فِي فنون كَثِيرَة فصيح الْعبارَة حُلْو المحاضرة جواداً سَمحا أفتى وَهُوَ ابْن 22 سنة وَكَانَ من محَاسِن دهره مَقْبُول الصُّورَة محبباً إِلَى الأكابر مَشْهُورا بالدعابة …
وَكَانَت وَفَاته بِمصْر فِي 24 ذِي الْحجَّة سنة 716
وَلما بلغت وَفَاته ابْن تَيْمِية قَالَ أحسن الله عزاء المسلمين فِيك يَا صدر الدّين.
وتأسف النَّاس عَلَيْهِ كثيرا رَحمَه الله تَعَالَى.
===============
ابن حجر العسقلاني : الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة، باختصار شديد مقتصر على موضع الشاهد.
قلت: كأنه سكانر (آلة المسح الضوئي لتحفيظ المستندات بصيغة الكترونية) ذلك الزمان.