صلاح الدين الأيوبى وأرناط اللعين

1

 


كان أرناط هذا اللعين كافراً عظيماً جباراً شديداً وكانت قد أجتازت به قافلة من مصر حين كان بين المسلمين وبينهم هدنة فغدرها وأخذها ونكل بهم وعذبهم وأسكنهم المطامير والحبوس الحرجة وذكروا له حديث الهدنة فقال قولوا لمحمدكم يخلصكم. فلما بلغ خبره ذلك لصلاح الدين رحمه الله نذر أنه متى أظفره الله به قتله بنفسه.
ولما فتح الله بالنصر والظفر ( يوم حطين ) جلس السلطان في دهليز الخيمة والناس يتقربون إليه بالأسرى ومن المقدمين ونصبت الخيمة وجلس فرحاً مسروراً لما أنعم الله به عليه ثم أستحضر الملك جفري وأخاه والبرنس أرناط وناول الملك جفري شربة من حلاب بثلج فشرب منها وكان على أشدّ حال من العطش ثم ناول بعضها البرنس أرناط فقال السلطان للترجمان: “قل للملك أنت الذي سقيته، وأما أنا فما سقيته”.
وكان على عادة جميل العرب وكريم أخلاقهم أن الأسير إذا أكل وشرب من ماء من أسره أمن بذلك، جرياً على مكارم الأخلاق.
ثم أمر بمسيرهم إلى موضع عُين لنزولهم فمضوا وأكلوا شيئاً ثم عادوا فأستحضرهم ولم يبق عنده سوى بعض الخدم وأقعد الملك في الدهليز وأستحضر البرنس أرناط وأوقفه على ما قال. وقال له: “ها أنا أنتصر لمحمد عليه الصلاة والسلام”.
ثم عرض عليه الإسلام فلم يفعل ثم حمل النمجاة وضربه بها فحل كتفه وتمم عليه من حضر. وعجّل الله بروحه إلى النار فأخذ ورمي على باب الخيمة فلما رآه الملك قد خرج به على تلك الصورة لم يشك أنه يشي به فأستحضره وطيّب قلبه وقال: لم تجر عادة الملوك أن يقتلوا الملوك وأما هذا فإنه تجاوز حدّه فجرى ما جرى.
——————
المرجع : القاضى بن شداد , النوادر السلطانية والمحاسن اليوسيفية “بتصرف”.
=================
أبو معاوية المصرى .
النّمجاة : خنجر مقوس يشبة السيف القصير

أضف تعليق